Admin المدير العام
عدد الرسائل : 176 العمر : 32 الموقع : https://abadalrhman.ahlamontada.net المزاج : عادى الحمد لله قوة العضو : نقاط : 418 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 14/01/2009
| موضوع: التوسل المشروع والممنوع (الجزء الأول) السبت يوليو 11, 2009 4:45 pm | |
| التوسل المشروع والممنوع فمن المعلوم أن أي عمل يقوم به الإنسان لا يكون مقبولا عند الله تعالى حتى يتوفر فيه شرطان: أحدهما: أن يكون خالصا لوجه الله. الثاني: أن يكون موافقا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ونظرا لأن التوسل البدعي يخل بالشرط الثاني، بل إنه وسيلة قد تفضي إلى الشرك، وقد أشكل فهمه على كثير من الناس، مما أوقع الكثير فيه؛ لذا أحببت أن أكتب لمحة موجزة حول التوسل المشروع والممنوع. تعريفه: التوسل في الشرع: هو التقرب إلى الله تعالى بما شرعه في كتابه، أو على لسانه رسوله صلى الله عليه وسلم. الوسيلة في الشرع: ما يتقرب به إلى الله، رجاء حصول مرغوب، أو دفع مرهوب، من فعل الواجبات والمستحبات أو ترك المنهيات، وتكون مشروعة، كما تكون ممنوعة. والوسيلة تكون مشروعة وتكون ممنوعة، فما وافق الكتاب وصحيح السنة فهي مشروعة، وما خالف الكتاب والسنة فهي ممنوعة. أنواع التوسل: أولا: التوسل المشروع التوسل المشروع هو تقرب العبد إلى الله بوسيلة وردت في الكتاب أو صحيح السنة، ومن أنواعه الأول: التوسل بأسماء الله وصفاته: قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة الأعراف: 180]. وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن ندعوه متوسلين بأسمائه الحسنى، وأسماؤه سبحانه متضمنة لصفاته، فتكون داخلة في هذا الطلب. وبذلك يتضح دلالة الآية على مشروعية التوسل بأسمائه وصفاته. بيانه: هو التوسل إلى الله بالاسم المقتضي لمطلوبه أو بالصفة المقتضية له. مثاله: كأن يقول في دعائه: "اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تعطيني كذا أو تدفع عني كذا". أو يقول: "اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني". أو يقول: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي، ونحو ذلك". ومن السنة ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر يقول: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» [رواه الترمذي]. الثاني: التوسل بالأعمال الصالحة: وهو التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وطاعته، ويدخل في ذلك كل عمل قام به العبد بقلبه أو لسانه أو جوارحه خوفا من الله أو رجاء له وحده، لا لدافع آخر. كيفيته: هو أن يتذكر الداعي عملا صالحا قام به لله وحده لا لدافع آخر، وبعد أن يتذكر العمل يتوجه إلى ربه متوسلا بهذا العمل في أن يعطيه أو يدفع عنه. مثاله: كأن يقول المسلم: "اللهم بإيماني بك واتباعي لرسولك اغفر لي". أو يقول: "اللهم إنك تعلم بأني عملت كذا - ويسمي عملا قام به لله وحده - اللهم إن كنت عملته رجاء لثوابك وخوفا من عقابك فأعطني كذا أو ادفع عني كذا". ونحو ذلك. قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم} [سورة البقرة: الآية 127]، {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة: الآية 128]. وجه الدلالة: في الآيتين توسل برفع القواعد من البيت الحرام، وهو عمل صالح، ذلك أنه استجابة لأمر الله لهما بذلك. ومن السنة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه، فإذا أراد أن يضطجع، فليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» [رواه البخاري]. وجه الدلالة: في الحديث وصية من المصطفى صلى الله عليه وسلم للمضطجع أن يقدم بين يدي دعائه توسلا إليه سبحانه بتسبيحه وتنزيهه، واعتقاد صادق بأنه لا يضع جنبه أو يرفعه إلا بعون من الله تعالى، ولا شك أن هذا المتوسل به من أعمال اللسان والقلب الصالحة. الثالث: التوسل إلى الله بدعاء الصالح الحي: وهو توسل المسلم الذي وقع في ضيق أو حلت به مصيبة بدعاء إنسان يظهر عليه الصلاح والتقوى، ويتم بطلب من المتوسل، كما يتم من غير طلب. مثال الأول: كأن يذهب المسلم الذي حلت به مصيبة وعلم من نفسه التفريط في جنب الله إلى رجل يعتقد فيه الصلاح، ويطلب منه أن يدعو الله له أن يرفع عنه ما حل به. ومثال الثاني: كأن يرى العبد الصالح أخا له في ضيق وشدة فيدعو الله له أن يفرج عنه. ويكون في حضور المدعو له، كما يكون في غيبته، ولا فرق أن يدعو الأعلى للأدنى، أو الأدنى للأعلى، فكل ذلك جائز ومقبول إذا شاء الله سبحانه وتعالى. مثال الأعلى للأدنى: توسل الصحابة بدعاء نبيهم صلى الله عليه وسلم. ومثال الأدنى للأعلى: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي» وقال: «لا تنسنا يا أخي من دعائك» [رواه الترمذي وأبو داود]. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [سورة النساء: الآية 64]. وجه الدلالة: في الآية إرشاد لمن ظلم نفسه بارتكاب خطيئة إلى سببين ينقذان منها: الأول: الاستغفار بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عمل صالح يقدمه الإنسان وسيلة للاستجابة. الثاني: استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم له، وهذا هو محل الشاهد إذا هو توسل بدعائه صلى الله عليه وسلم. وعليه فكل إنسان يصح له أن يتوسل بدعاء أخيه كأن يقول: "استغفر لي"، أو يدعو لأخيه كأن يقول: "اللهم اغفر لفلان". ومما يجب التنبيه عليه أن المجيء في الآية المراد به مواجهته صلى الله عليه وسلم وهو حي لا المجيء إلى قبره؛ لأن استغفاره صلى الله عليه وسلم قد انقطع بوفاته، وعليه فلا يجوز المجيء إلى قبره أو قبر أحد من الصالحين لأجل سؤالهم أن يستغفروا الله لنا من ذنوب اقترفناها. من أفعال الصحابة رضي الله عنهم: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا". قال: فيسقون. [رواه البخاري]. وقد روي عن ابن عمر أن هذا الاستسقاء كان عام الرمادة. وجه الدلالة: يفيد الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام الرمادة استسقى بالعباس بن عبد المطلب ـ أي بدعائه ـ مثل ما كانوا يعملون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلبوا منه أن يدعوا الله أن يغيثهم، ويؤكد ذلك الواقع فقد أخذ يدعو وهم يؤمنون، ولو كان المراد بجاهه لاختار جاه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أعظم، لكن نظرا لأنه بالدعاء، والدعاء لا يمكن من الرسول صلى الله عليه وسلم لوفاته فاختار لذلك التوسل بدعاء العباس وقد أقره الصحابة على ذلك فكان إجماعا، والإجماع حجة قاطعة، فتأكد بذلك مشروعية التوسل بدعاء الصالح الحي لا بجاهه أو ذاته. الرابع: التوسل إلى الله بذكر الحال: وهو أن يتوسل إلى الله بذكر حال الداعي المبينة لاضطراره وحاجته. مثاله: توسل موسى عليه السلام بذكر حاله بعد أن سقى للمرأتين من ماء مدين. قال تعالى عن موسى عليه السلام: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [سورة القصص: 24]. وجه الدلالة: أن في الآية بيان أن موسى عليه السلام بعد أن سقى للمرأتين تولى إلى الظل، ثم توجه إلى ربه مبينا افتقاره للخير الذي يسوقه إليه. وهذا سؤال منه بحاله، وقد استجاب الله دعائه قال تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [سوة القصص: 25]. وذلك دليل على مشروعية التوسل بذكر الحال.
| |
|